أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة 26 نوفمبر 2021م للدكتور محمد حرز “ركائز الأمن المجتمعي”

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : ركائز الأمن المجتمعي ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 21 ربيع الآخر 1443هـ ، الموافق 26 نوفمبر 2021م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 نوفمبر 2021م بصيغة word بعنوان : ركائز الأمن المجتمعي، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 نوفمبر 2021م بصيغة pdf بعنوان : ركائز الأمن المجتمعي، للدكتور محمد حرز.

 

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 26 نوفمبر 2021م بعنوان : ركائز الأمن المجتمعي.

 

أولاً: الأمنُ مطلبٌ شرعيٌّ ومقصدٌ وطنيٌّ. 

ثانيًا: ركائزُ الأمنِ المجتمعِي.

ثالثًا: وطنُنَا أمانةٌ في أعناقِنَا.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 26 نوفمبر 2021م  بعنوان : ركائز الأمن المجتمعي : كما يلي:

 

خُطبةُ الجمعةِ القادمةِ: ركائزُ الأمنِ المجتمعِي   د. محمد حرز

بتاريخ: 20 ربيع الآخر 1443هــ –  26نوفمبر2021م

الحمدُ للهِ الذي منَّ علينا بنعمةِ الأمنِ والاستِقرارِ، أحمدُهُ – سبحانَهُ – وأشكرُهُ على نعمِهِ وآلائِهِ،الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ﴾ (الأنفال: 26) ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وليُّ الصالحين، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ من خلقِهِ وخليلُهُ ,القائلُ كما في حديثِ عبدِ الرحمنِ بن أبي ليلى -رَضِيَ اللهُ عَنْه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ((لا يحِلُّ لمسلمٍ أنْ يُروِّعَ مسلمًا)) رواه أبو داود، فاللهم صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ  المختارِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ الأطهارِ الأخيارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ. 

أما بعدُ ….. فأوصيكُم ونفسي أيها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ zتُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران :102)

ثم أما بعدُ:فإنَّنَا اليوم على موعدٍ مع نعمةٍ جليلةٍ .. ومنةٍ كبيرةٍ .. ومنحةٍ عظميةٍ… ونعمةٍ ربانيةٍ،ومنحةٍ إلهيةٍ ،هذه النعمةُ هي مطلبُ كُلِّ أمةٍ ، وغايةُ كلِّ دولةٍ ، مِن أجلِهَا جُنّدتْ الجنودُ ،وقامتْ الجيوشُ ، ورُصِدتْ الأموالُ ، وفي سبيلِها قامتْ الصراعاتُ والحروبُ.
إنّها نعمةٌ إنْ انتزعَها اللهُ من أمةٍ هلكتْ ،وإنْ فقدتْهَا فقدتْ كلَّ شيءٍ،وإنْ ملكتْهَا أمةٌ ملكتْ كلَّ شيءٍ .إنّها نعمةٌ امتنَّ اللهُ بها علي الأوائلِ الأخيارِ، إنّها نعمةٌ امتنّ اللهُ بها علي قريشٍ، إنّها  دعوةُ الخليلِ إبراهيم عليه السلامُ، إنّها نعمةُ الأمنِ والأمانِ ،وما هاجرَ النبيُّ صلي اللهُ عليه وسلم إلي يثرب إلا لنشرِ دعوتهِ ولا يكونُ هذا إلا في وجودِ الأمنِ والأمانِ . أيها السادة)ُركائزُ الأمنِ المجتمعِي)) عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا

عناصرُ اللقاءِ:

أولاً: الأمنُ مطلبٌ شرعيٌّ ومقصدٌ وطنيٌّ. 

ثانيًا: ركائزُ الأمنِ المجتمعِي.

ثالثًا: وطنُنَا أمانةٌ في أعناقِنَا.

أيها السادةُ : بدايةً ما أحوجَنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلى أن يكونَ حديثُنَا عن الأمنِ المجتمعِيِّ وركائزِهِ، وخاصةً والأمنُ من أجلِّ النعمِ التي أنعمَ اللهُ بها علينا ولا يعرفُ قيمةَ الأمنِ إلا مَن اكتوَى بنارِ الخوفِ والرُّعبِ، والفوضَى والتشريدِ والغُربةِ، واسأَلوا البلادَ من حولِكُم، اسألوا المغتربَ عن وطنِهِ، واسألوا المُشرَّدَ عن أهلِهِ، واسألوا اللاجِئَ عند الآخرين… ستجد جوابًا شافيًا: إنّه الأمنُ والأمانُ والاستقرارُ. وخاصةً كم مِن بلادٍ تدمرتْ بسبب زعزعةِ الأمنِ والاستقرارِ فيها؟ وكم مِن بلادٍ تأخرتْ يسببِ فقدانِ الأمنِ والأمانِ؟ وكَمْ مِنْ بُيُوتٍ هُدِّمَتْ فَوْقَ سَاكِنِيهَا، وَكَمْ مِنْ مُدُنٍ خَلَتْ مِنْ أهلِها، كَمْ مِنْ أُسَرٍ تَمَزَّقَتْ، وَمُجْـتَمَعَاتٍ تَشَتَّتَ؟ بسبب فقدانِ الأمنِ والأمانِ ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ .

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز

أولاً: الأمنُ مطلبٌ شرعيٌّ ومقصدٌ وطنيٌّ.

أيها السادةُ :الأمنُ ضدُّ الخوفِ والأمنُ هو:السلامةُ من الفتنِ والشرورِ، والأمنُ: هو الاطمئنانُ والاستقرارُ والرخاءُ والازدهارُ والأمنُ هو : انتفاءُ الخوفِ على حياةِ الإنسانِ وعِرضِه ومُلكِه ومُكتسباتِه. والأمنُ نعمةٌ ربانيةٌ، ومنحةٌ إلهيةٌ ، يقذفها اللهُ في قلوبِ عبادهِ الأصفياءِ وأوليائهِ الأتقياءِ. والأمنُ نعمةٌ عظمي،ومنةٌ كُبرى ،ومطلبٌ شرعيٌّ، ومقصدٌ وطنيٌّ،وعملٌ إنسانيٌّ، وَمَسْؤُولِيَّةٌ مُجْتَمَعِيَّةٌ ،ومقصدٌ من مقاصدِ الشريعةِ الإسلاميةِ، الكلُّ مطالبٌ بهِ، والكلُّ محاسبٌ عنه بين يدي اللهِ لمن فرّطَ وأهملَ واستباحَ وزعزعَ الأمنَ والاستقرارَ قال ربُّنَا جلّ وعلا:((إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) (المائدة: 33) في رحابِ الأمنِ والأمانِ تحلو العبادةُ، ويصيرُ الليلُ لباسًا والنومُ سباتًا، والنهارُ معاشًا ,والطعامُ هنيئًا، والشرابُ مريئًا. في رحابِ الأمنِ ، يأمنُ الناسُ على أموالِهم ومحارمِهم وأعراضِهم .. وفي رحابِ  الأمنِ ، يعبدون ربَّهُم ويقيمون شريعتَهُ ويدعون إلى سبيلهِ .. في رحابِ الأمنِ تعمُّ الطمأنينةُ النفوس ، ويسودُها الهدوء ، وترفرفُ عليها السعادة ، وتُؤدي الواجباتُ باطمئنانٍ ، من غير خوفِ هضمٍ ولا حرمان ، لذا وَعَدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَولِيَاءَهُ فِي جَنَّتِهِ وَمُسْـتَقَرِّ رحمتِهِ بِالأَمْنِ وَالأَمَانِ، لماذا ؟ لأَنَّهُ لَوْ فُقِدَ الأَمْنُ لَفُقِدَ النَّعِيمُ، قَالَ جلّ وعلا:((ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ) (الحجر: 4). إنها نعمةُ الأمنِ .. وما أدراكُم ما نعمةُ الأمنِ؟  التي كانت أولَ دعوةٍ لأبيِنَا الخليلِ إبراهيم عليه الصلاةُ والسلامُ ، حينما قال: (رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِنًا وارزق أهله من الثمرات) (البقرة 126)فقدّمَ إبراهيمُ عليه السلامُ نعمةَ الأمنِ ، على نعمةِ الطعامِ والغذاءِ والرزقِ ؛ لعظمِها وخطرِ زوالِها . و واللهِ وتاللهِ إنّ أشهى المأكولاتِ ، وأطيبَ الثمراتِ ، لا تُستساغُ مع ذهابِ الأمنِ ونزولِ الخوفِ والهلعِ ذلكم أنّه لا غناءَ لمخلوقٍ عن الأمنِ ، مهما عزّ في الأرضِ، أو كسبَ مالًا أو شرفًا أو رفعةً. قال الرازيُّ رحمهُ اللهُ: “سُئلَ بعضُ العلماءِ: الأمنُ أفضلُ أم الصحةُ؟ فقال: الأمنُ أفضلُ، والدليلُ عليه أنّ شاةً لو انكسرتْ رجلُها فإنّها تصحُّ بعد زمانٍ، ثم إنّها تقبلُ على الرعيِ والأكلِ. ولو أنّها رُبطتْ في موضعٍ ورُبطَ بالقربِ منها ذئبٌ فإنّها تمسكُ عن العلفِ ولا تتناولهُ إلى أنْ تموتَ، وذلك يدلُّ على أنّ الضررَ الحاصلَ من الخوفِ أشدُّ من الضررِ الحاصلِ من ألمِ الجَسَدِ)) وهذا هو يوسفُ عليه السلامُ يطلبُ من أبويهِ دخولَ مصرَ مخبرًا إياهُم بوجودِ الأمنِ والاستقرارِ على أرضِها فقال جلّ وعلا :(( فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِنْ شَاء اللّهُ آمِنِينَ )) (يوسف: 99).

ولمَّا خاف موسى عليه السلامُ أعلمَهُ ربُّه أنّه من الآمنين ليهدأَ رَوْعُه، وتسكنَ نفسُه:(( وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ )) (القصص: 31) .ولما دخلَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم مكةَ فاتحًا لها أمّنَ أهلَها، فقال: «من دخَل دارَ أبي سفيانَ فهو آمنٌ، ومن ألقَى السّلاحَ فهو آمنٌ، ومن دخل المسجدَ فهو آمنٌ» رواه مسلم. وكان من دعائهِ -صلى اللهُ عليه وسلم-: اللهم اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وآمِنْ رَوْعَاتِي“رواه أحمدُ، وأبو داود، وابنُ ماجه

بل لقد امتنَّ اللهُ جلّ وعلا على قريشٍ بنعمةِ الأمنِ والأمانِ قال جلّ وعلا: ( الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) [قريش: 4] ، و جعل اللهُ الأمنَ صفةً دائمةً لبيتهِ الحرامِ فقال جلّ وعلا : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ) [العنكبوت: 67] ، وقال سبحانَه: ( أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) [القصص: 57] ، بل  نعمةُ الأمنِ من أجلِّ النعمِ  ، مع العافيةِ والرزقِ يا سادةُ ،  هي الملكُ الحقيقيُّ للدنيا .. فعن عبيدِ اللهِ بن محصنٍ الأنصاري عن النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قال: (من أصبحَ معافًىً في بدنِه آمنًا في سِربِه عندَه قوتُ يومِه فَكأنَّما حيزتْ لَهُ الدُّنيا بحذافيرِها) . رواه الترمذي وابن ماجه لذا  أمرنا الإسلامُ  بالمحافظةِ على الضرورياتِ الست وهي: الدينُ، والنفوسُ، والعقولُ، والأعراضُ، والأموالُ والوطُن وحرَّمتْ الشريعةُ كلَّ وسيلةٍ إلى النَّيْلِ من هذه المقاصدِ، أو التعرُّضِ لها، وشَرعَتْ من الأحكامِ الزاجرةِ ما يمنعُ مِن التعرُّضِ لها أو يمسُّ بجوهرهَا.

بل إنّ الإسلامَ حرَّمَ كلَّ فعلٍ يعبَثُ بالأمنِ والاطمئنانِ، والاستقرارِ، وحذَّر من كلِّ عملٍ يَبُثُّ الخوفَ والرعبَ والاضطرابَ، من مُنطلقِ حرصِهِ على حفظِ أجلِّ النعمِ: الأمنِ والأمانِ.
ومن هذا المُنطلقِ نهى النبيُّ – صلى اللهُ عليه وسلمأنْ يتسبَّبَ الإنسانُ إلى فعلٍ يؤدِّي إلى المَساسِ بالأمنِ والاستقرارِ المجتمعيِّ، يقول النبيُّ – صلى اللهُ عليه وسلم كما في حديثِ عبد الرحمنِ بن أبي ليلى -رَضِيَ اللهُ عَنْه قَالَ: لا يحِلُّ لمسلمٍ أنْ يُروِّع مسلمًا رواه أحمدُ، وأبو داود. ويقولُ – صلى الله عليه وسلم كما في البخاريِّ ومسلمٍ : (( لَا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ)). ومِن أعظمِ الأمورِ عند اللهِ بعدَ الشركِ: إراقةُ الدماءِ المسلمةِ، وإزهاقُ الأرواحِ المؤمنةِ التي لا يرضى اللهُ – جلّ وعلا – بهذا الفعلِ أبدًا: ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)(النساء: 93)  بل قال صلى اللهُ عليه وسلم في حقِّ الكافرِ المعاهدِ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم : «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوْ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أبو داود

.إنّ أحكامَ الشريعةِ  الغرَّاءِ أيها السادةُ تعتبِرُ أيَّ فعلٍ أو تصرُّفٍ أو دعوةٍ لزعزعةِ أمنِ المجتمعِ جريمةًّ كبرى وجنايةً عُظمى ومفسدةً جُلَّى ، فربُّنا – جلّ وعلا – يقول:وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا [الأعراف: 56]، ويقول:  وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [المائدة: 64]؛      فأيُّ بيانٍ أوضحُ من هذا البيانِ؟!

إذا الإيمانُ ضاع فلا أمان *** ولا دنيا لمـــن لم يحي دينا

ومن رضي الحياةَ بغير دينٍ *** فقد جــعل الفناءَ لها قرينـا

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

ثانيًا: ركائزُ الأمنِ المجتمعِي.

أيها السادةُ: ركائزُ الأمنِ المجتمعِي كثيرةٌ وعديدةٌ لا يتسعُ الوقتُ لذكرها منها على سبيلِ المثالِ لا الحصر : إنّ أعظمَ ركائزِ  الأمنِ المجتمعي بجميع صورهِ: تحقيقُ التوحيدِ للهِ جلّ وعلا ، والالتزامُ بالعقيدةِ الصحيحةِ والتعلُّقِ الكاملِ باللهِ – جلّ وعلا قال ربُّنا:((  الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ))الأنعام: 82.فالأمنُ بأشكالهِ المختلفةِ لا يتحقَّقُ إلا بطاعةِ المولى – جلّ وعلا والتقيُّدِ بشرعهِ ومنهجهِ، مع الحِفاظِ على سنةِ نبيِّه محمدٍ – صلى الله عليه وسلم  قال اللهُ: ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا )النور: 55.

نحققُ الأمنَ هو أنْ تعودَ الأمةُ إلي كتابِ ربِّها وسنةِ نبيِّها صلي الله عليه وسلم  قال ربُّنا(( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ))سورة  الرعد: 11

ومن ركائزِ الأمنِ المجتمعِي: السمعُ والطاعةُ لولاةِ الأمرِ في المعروفِ، فعن ابن عباسٍ – رضي اللهُ عنهما – قال: قال رسولُ اللهِ – صلى اللهُ عليه وسلم: – ((مَن رأى مِن أميرهِ شيئًا يكرهُه فليصبِر، فإنّه مَن فارَقَ الجماعةَ شبرًا فماتَ إلا ماتَ مِيتةً جاهليةً)) متفق عليه والاعتصامُ بحبلِ اللهِ – جلّ وعلا  والاجتماعُ على دينهِ، والتعاوُنُ على البرِّ والتقوى، استجابةًّ لقولهِ تعالى: (

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا  ((آل عمران:103 ) وصدقَ نبيُّنا صلى الله عليه وسلم إذ يقول كما في صحيحِ مسلمٍ من حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :(مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)

ومن ركائزِ الأمنِ المجتمعِي: المحافظةُ على عقولِ المسلمين من كلِّ ما يفسدهَا: وممَّا يجبُ علينا حفظهُ لو أردنَا حفظَ الأمنِ علينا أنْ نحفظَ العقولَ، أنْ نحفظَ عقولَ المسلمين ممَّا يفسدُهَا ويضرُّ بها، سواءٌ كانت مفسداتٍ ماديَّةً أو مفسداتٍ معنويَّةً، يجبُ حفظ عقول الناسِ مِن كلِّ مُسكِرٍ، ومِن كلِّ مخدِّرٍ، وكذلك المحافظةٌ على عقولِ الناسِ من التصوُّراتِ الفاسدةِ والأفكارِ المنحرفةِ، والجماعاتِ المنحرفةِ المضلةِ ، ممَّا يُقلِّلُ وازِعَ الخوفِ من اللهِ عند الناسِ، فيفعلُ كلُّ شخصٍ ما يريدُ، فيترتَّبُ عليه الفَوضَى وقلَّةُ الأمنِ.

ونشرُ الوعي الوسطي المعتدل والعملُ على تصحيح المفاهيمِ المغلوطةِ عند الكثيرِ من  شبابِنا لنحافظَ على أمنا ودولتِنا ودينِنا ونحافظَ على الأمنِ والاستقرارِ، حينما يقوم العلماءُ والدعاةُ والمربون بدورهم في احتواء الشبابِ ومعالجةِ الأحداثِ وتقريبِ وجهاتِ النظرِ وتهدئةِ الانفعالاتِ ، وفتحِ قنوات الحوارِ الهادفِ الهادئِ مع الشباب لترشيدِ حماسهِم وتوجيهِ انفعالِهم وتسخيرِ طاقاتِهم في خدمة الأمةِ لا في هدمِها

نحققُ الأمنَ  بالشكرِ فَبِالشُّكْرِ تَكُونُ البَرَكَةُ وَالزِّيَادَةُ، وَبِالكُفْرَانِ يَكُونُ الخُسْرَانُ، قال جلّ وعلا(( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (إبراهيم ـ 7) وإذا سُلِبتْ نعمةُ الأمنِ فشا الجهلُ، وشاع الظلمُ، وسُلبتْ الممتلكاتُ، وإذا حَل الخوفُ أُذِيقَ المجتمعُ لباسَ الفقرِ والجوعِ، كما قال سبحانَه ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112]  وللهِ درُّ القائلِ:

إذا كنـتَ في نعمـةٍ فارعَـها ** فإنْ المعاصي تـزيلُ النعـمَ
وداوم عليها بشكرِ الإلهِ * *      فإنّ شكرَ اللهِ يديمُ النعم

أقولُ قولي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم

خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز

الخطبةُ الثانية الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  …………………… وبعد

العنصر الثالث من خطبة الجمعة للدكتور محمد حرز

ثالثًا وأخيرًا: وطنُنَا أمانةٌ في أعناقِنا

أيها السادةُ :إنّ المحافظةَ على وطنِنا مصر الغالية أمانةٌ في أعناقِنا جميعًا كلٌّ في حدودِ قدراتهِ وإمكانياتهِ، كلٌّ حسبِ موقعهِ ودورهِ في مجتمعهِ. والمحافظةُ على الأمنِ واجبٌ دينيٌّ ووطنيٌّ ، الكلُّ مسئولٌ عنه يوم القيامةِ ، والمحافظةُ على الأمنِ مسئوليةُ الجميعِ، و كُلُّ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُزَعْـزِعَ الاستِقْرَارَ وَيَنْشُرَ الفَوْضَى وَيُؤَدِّيَ إِلَى التَّفَرُّقِ وَالاختِلافِ لِمَا لَهُ مِنْ عَوَاقِبَ وَخِيمَةٍ، يجبُ الابتعادَ عنه قال اللهُ جلّ وعلا : ((وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (آل عمران : 105) ، فَمَتَى مَا تَسَلَّلَ الخَلَلُ إِلَى لُحْمَةِ الصَّفِّ، وَاتِّحَادِ الكَلِمَةِ، وَرَابِطَةِ الأُخُوَّةِ، انعَدَمَ الأَمْنُ وَحَلَّتْ مَحَلَّهُ الفَوْضَى الَّتِي تُهْـلِكُ الحَرْثَ وَالنَّسْـلَ، قال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ:( وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال ـ 46)

فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَحَافِظُوا عَلَى أَمْنِ بَلَدِكُمْ بِأَدَاءِ أَمَانَتِكُمْ، وَتَحْـقِيقِ وَاجِبَاتِكُمْ، وَإِعَانَةِ القَائِمِينَ عَلَى صَلاحِ البَلَدِ فِي مُحَارَبَةِ الفَسَادِ وَالإِفْسَادِ بِكُلِّ صُوَرِهِ، وَمُوَاجَهَةِ الظُّلْمِ بِكُلِّ أَشْكَالِهِ، لِنَكُونَ بِإِذْنِ اللهِ جَمِيعًا مِنَ الآمِنِينَ المُفْـلِحِينَ، وَيَشْـمَلُنَا قَولُ رَبِّ العَالَمِينَ:( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَـٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) (الانعام ـ 82(

فَمَعَ الأَمْنِ تَزْدَهِرُ التَّنْمِيَةُ وَيَتَقَدَّمُ الاقتِصَادُ، فَيُقْدِمُ الفَرْدُ عَلَى العَمَلِ وَيَحْرِصُ عَلَى الإِتْقَانِ، فَتُسْـتَثْمَرُ الأَمْوَالُ وَتَنْشَطُ التِّجَارَةُ.

 قِيلَ لأَحَدِ الحُكَمَاءِ: أَيْنَ تَجِدُ السُّرُورَ؟ قَالَ: فِي الأَمْنِ فَإِنِّي وَجَدتُ الخَائِفَ لا عَيْشَ لَهُ.

اللهَ اللهَ في الأمنِ ، اللهَ اللهَ في الأمانِ ، اللهَ اللهَ في الاستقرارِ،  اللهَ اللهَ في الطمأنينةِ ، اللهَ اللهَ في المحافظةِ على أوطانِنا اللهَ اللهَ في مصر الغاليةِ أرضِ الكنانةِ .

 أهلُها في أمانٍ بفضل اللهِ جلّ وعلا

 

مصرُ الكنانةُ ما هانتْ على أحدٍ *** اللهُ يحرسُها عطفًا ويرعاهَا

ندعوكَ يا ربّ أنْ تحمى مرابعَها *** فالشمسُ عينٌ لها والليلُ نجواهَا

مَن شاهَدَ الأرْضَ وأَقْطَارَها *** والنَّاسَ أنـواعًا وأجناسًا
ولا رأى مصْـرَ ولا أهلها *** فما رأى الدنيا ولا الناسَ

حفظُ اللهُ مصرَ من كيدِ الكائدين، وشرِ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومُكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

 

كتب خطبة الجمعة القادمة : العبد الفقير إلى عفو ربه

                                                                                              د/ محمد حرز 

 إمام بوزارة الأوقاف

 

 _______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »